في مبادرة مبتكرة تعكس رؤية جمارك لتعزيز ممارسات الاستدامة والاقتصاد الدائري في العمليات الجمركية، أطلقت الدائرة بالشراكة مع مؤسسة دي بي ورلد الخيرية ومجموعة لاند مارك مشروعاً رائداً تحت عنوان "Project Zero"، يهدف إلى مكافحة التجارة غير المشروعة بالبضائع المقلدة، وتحويلها إلى منتجات جديدة قابلة للاستخدام مرة أخرى، ضمن نموذج متكامل للاقتصاد الدائري يدعم الاستدامة البيئية والمسؤولية المجتمعية.
تعد هذه المبادرة أول مشروع من نوعه في المنطقة يعالج قضية البضائع المقلدة بمنهج يجمع بين حماية الملكية الفكرية، وتقليل الهدر، ودعم الفئات المستحقة، ما يجعلها نموذجاً يحتذى به في الربط بين الرقابة الجمركية و الاستدامة البيئية و المجتمعية.
وكجزء من المبادرة، أسندت جمارك دبي إلى مجموعة لاند مارك مهمة التعامل مع ما يقارب نصف مليون قطعة من البضائع المقلدة التي تعتمد على منظومة تدوير مستدامة تهدف إلى تحقيق مبدأ "صفر نفايات" عبر إعادة الاستخدام وإطالة عمر المنتج، بدلًا من الإتلاف، وبهذا تسهم المبادرة في خفض حجم النفايات، وتقليل الانبعاثات الكربونية الناتجة عن التخلص من هذه البضائع، في حين توفر في المقابل منتجات صالحة يمكن أن تفي باحتياجات العديد من الفئات المحتاجة.
وقال سعادة ناصر عبدالله النيادي، نائب رئيس مجلس إدارة مؤسسة "دي بي ورلد" الخيرية، الذراع الخيرية لمجموعة موانئ دبي العالمية "دي بي ورلد": "تمثل مبادرة (Project Zero) نموذجاً رائداً للتعاون بين القطاعين الحكومي والخاص نحو تحقيق اقتصاد مستدام. ومن خلال شراكتنا مع جمارك دبي ومجموعة لاند مارك، نؤكد التزامنا الراسخ بدعم الابتكار في مواجهة التحديات البيئية والاجتماعية، وتحويل البضائع غير الصالحة إلى موارد نافعة تعود بالفائدة على المجتمع والبيئة. هذه المبادرة تجسد رؤيتنا في مؤسسة دي بي ورلد الخيرية بأن الاستدامة ليست خياراً، بل نهج عمل متكامل نحو مستقبل أكثر مسؤولية وتوازناً."
وقال منصور المالك المدير التنفيذي لقطاع السياسات والتشريعات في جمارك دبي:" تنسجم المبادرة التي تم اطلاقها خلال فعاليات جيتكس جلوبال، مع أهداف الاستراتيجية للاستدامة التي تضع في جوهرها مفاهيم الاقتصاد الدائري، وتقليل النفايات، وتحقيق الاستفادة القصوى من الموارد، ومكافحة البضائع المقلدة، مؤكداً أن من خلال هذه المبادرة، تؤكد جمارك دبي أن العمل الجمركي لم يعد يقتصر على الرقابة والحماية فقط بضبط المنتجات المقلدة والمهربة، بل يتسع ليشمل المساهمة الفعّالة في تحقيق الأهداف البيئية والاجتماعية والاقتصادية".
بدوره أضاف راجيش جارج، المدير المالي لمجموعة لاندمارك ريتيل: "تمثل مبادرة
(Project Zero) شراكة فريدة من نوعها على مستوى العالم، إذ تجمع بين جمارك دبي، ومؤسسة موانئ دبي العالمية، ومجموعة لاندمارك، لتحويل نصف مليون قطعة من الملابس المصادرة إلى 200 ألف منتج جديد ومستدام. تلك المنتجات التي كانت ستُتلف أو تُرسل إلى مكب النفايات، لكن من خلال عملية إعادة التدوير وإعادة التصنيع في منشأتنا لإعادة تدوير المنسوجات، يبرهن (Project Zero) على إمكانية تحقيق الاستدامة والدوران الاقتصادي على نطاق واسع."
ومن خلال هذا التعاون تم تحويل البضائع المصادرة إلى ألياف معاد تدويرها في مصنع لاندمارك سيركيولايف، أول منشأة لإعادة تدوير المنسوجات في دولة الإمارات، وأنتجت 100 ألف بنطال رياضي و100 ألف سترة قطنية.
فقد بدأت العملية بالمصادرة الرسمية من قبل جمارك دبي، تلتها عملية نقل البضائع إلى مركز إعادة التدوير التابع لمجموعة لاندمارك في منطقة دبي الجنوب، ومن ثم خضعت المواد المصادرة لعمليات تحويل دقيقة إلى ألياف قابلة للاستخدام، وتم تمييزها وتتبعها عبر نظام تعريف على مستوى الدفعات، لضمان سلسلة توريد قابلة للتتبع بالكامل، بعدها نُقلت تلك الألياف إلى شركاء التوريد التابعين لمجموعة لاندمارك، وفق بروتوكولات جمركية صارمة مدعومة بأنظمة رقمية للتتبع والمراقبة.
ومزجت الألياف المعاد تدويرها مع البوليستر المعاد تدويره خلال مرحلة التصنيع، ، ثم غزلت إلى خيوط عالية الجودة، وتم نسجها لتشكيل أقمشة تُستخدم في إنتاج ملابس مصنوعة بالكامل من مواد معاد تدويرها. وتحمل كل قطعة رمز QR يربطها مباشرة بموقع مشروع زيرو الإلكتروني، مما يعزز الشفافية والمساءلة في جميع مراحل الإنتاج.
ومن خلال مشروع زيرو ونسخه المستقبلية، سينجح الشركاء في تحويل تحدي البضائع المصادرة إلى فرصة ذات قيمة حقيقية في مثال حي على كيفية التقاء الابتكار والاستدامة والحوكمة لإحداث تأثير ملموس، ويعد هذا المشروع اليوم نموذجاً يُحتذى به في ترسيخ قيم البيئة والمجتمع والحوكمة (ESG) ضمن الممارسات التشغيلية في المنطقة.